
حينما قرب رحيل سيد المبلغين امامنا وسيدنا علي ابن أبي طالب عن هذه الدنيا أخد يوصي بوصاياه ويعطي أهل بيته مواريث الائمة حيث أوكل إلى ابنه الامام الحسن بالخلافة من بعده وهو الخليفة الحق الموصى به من السماء .. لكن ماذا حدث بعد رحيل أمير المؤمنين؟ هل سلم المسلمين بالخلافة إلى الحسن ؟ أم أن المسلمين تمردوا على هذه الخلافة وبدأ البعض يأخذ له مواقع مختلفة حسب أهواؤه الذاتية وليس حسب الحكم الشرعي للاسلام .
حينما اجتمع المسلمون في مسجد الكوفة وأعلن عبيد الله أبن العباس _ ابن عم الامام الحسن _ رحيل علي ابن أبي طالب ضج المسجد بالبكاء والنحيب لرحيل أمير المؤمنين ثم بدأ يقرأ عليهم وصيةأمير المؤمنين بتنصيب الامام الحسن كـ خليفة شرعي للمسلمين على أن يبايعه المسلمون بالتسليم المطلق لقرارات الامام لا بشروط يضعها المسلمين على الامام من أجل قبول خلافته أو رفضها .. حيث تحدثنا الروايات أنه كان من بين الحضور في المسجد بعض الخوارج الذين حاربهم الامام علي في النهروان .. ولقد سارت الأمور على أن يبايع المسلمون بالطاعةالمطلقة للامام الحسن في كل المراحل سواء في السلم أو الحرب .. إلا إن بعض الخوارج بايعوا الامام الحسن _ وهي بعية ظاهرية _ أما البيعة الباطنية والتي انكشفت في مراحل متقدمة من مسيرة الامام الحسن وهي أن تتم البيعة من أجل الحرب لا لأمر آخر ولايعتبر هذا الأمر في الجانب العلمي بيعة لأن المبايعة هي التسليم المطلق للشخص بالقيادة والانقياد لقراراته في كل الظروف التي يحددها الامام المعصوم والخليفة الشرعي.
بعد أن أجمع المسلمون على الامام الحسن كـ خليفة شرعي للمسلمين .. أرسل الامام رسالة إلى معاوية يطالبه بالطاعة والانصياع إلى قرارات الامام _ وهي القيادة المتصيدة للأمة _ إلا إن معاوية وحلفائه( عمر أبن العاص) لم يستجيبوا لطلب الامام لهم وأعلنوا العصيان والتمرد على القيادة الشرعية التي بايعها المسلمون مما جعل الامام يجهز الجيش من أجل أن يقضي على هذا التمرد والفتنة وأن تبقى صفوف المسلمين موحدة ويمنع الشقاق فيها.. وبالفعل بدأت طلائع الجيش تسير إلى منطقه تسمى بالنخلة .. أما الامام فقد بقى يجهز الجيش في المدينة ويرسل المكاتيب إلى قادة العشائر من أجل الانضمام إلى الجيش إلا أن المزاج العام لشعب الكوفة بالخصوص والمسلمين بشكل عام لم يكن يميل للحرب فقد تقاعس الكثيرون في نصرة الامام .. البعض بحجة التجارة والآخر بحجج واهية، لكن الامام أصر على أن يسير النصف الثاني من الجيش إلى النخلة بقيادة عبيد الله ابن العباس .. أما من جانب معاوية فقد سار جيش الشام أيضا للحرب لأن معاوية كان طمعه الظفر بالخلافة، عكس الامام الذي كان يريد وحدة المسلمين ومنع الصف من الانشقاق حيث كان يدعم معاوية جيش جرار من الشام ومصر بقيادة عمر أبن العاص .. وبالفعل بدأت الأمور تسير في منحى آخر حينما بدأ معاوية يستعمل أساليب الخداع والخبث حينما بدأ يبث الفتن والاشاعات والاخبار في صفوف جيش الامام الحسن من أجل أن يضعفه هذا من جانب .. أما الجانب الآخر حينما بدأ معاوية بشراء الذمم واستطاع بالفعل أن يشتري قائد طلاع الامام الحسن ببعض المال حتى بدأ الضعف يدب في جيش الامام .. أما المصيبة الأخرى التي حلت على جيش الامام هو تراجع الخوارج وعودتهم للمدينة ونكثهم للبيعة وهذا ماجعل الجيش في حالة يرثى لها .. خاصة بعد أن أستطاع معاوية أن يضرب ضربته القاضية حينما اشترى ذمة قائد جيش الامام وابن عمه عبيد الله بن العباس بـ ألف ألف دينار .
في ظل المعطيات السياسية وموازين القوى اضطر الامام بأن يصالح معاوية لكن بشروط يفرضها الامام الحسن عليه السلام وهذه الشروط تبين مدى قوة التدبير السياسي للامام ومن أبرز الشروط :
1- أن تعود الخلافة بعد موت معاوية للامام الحسن أو الحسين
2- أن تكف اليد عن قتل وضرب وسفك شيعة أمير المؤمنين وأن يتم وقف سب الامام علي من وفق المنابر
3- أن لاتكون لمعاوية سلطة في بيت مال المسلمين الذي في الكوفة.
هذة هي أبرز الشروط، لو جئنا لدراسة هذه الشروط بموضوعية سوف نتوصل إلى التالي :
لو نظرنا إلى الظروف الموضوعية سوف نشاهد أن الامام الحسن كان يريد الحرب لكن المتغيرات السياسية التي واكبت الحدث جعلت من الموقف السياسي يتغير حيث شخص الامام الحسن المصلحة ورأ أن الصلح هو الأفضل من أجل حماية المسلمين .. فمثلا لو فرضنا أن الامام الحسن قد حارب فكل المعطيات تقول أن الامام سوف يهزم وسوف يقتل ، وسوف ينتصر الحاكم الغير شرعي على الحاكم الشرعي وإذا انتصر سوف يدخل الكوفة كـ فاتح ومنتصر وهذا لم يرده الامام الحسن .. فـ الظروف جعلت الامام يقبل بـ حكم معاوية لكن وفق شروط اولها أن تعود الولايه والحكم للامام بعد هلاك معاوية .. مادام معاوية يطبق الأحكام _ حتى لو كانت ظاهرية _ فالعودة هي من أهم شروط الامام الحسن .. أما الشرط الأهم الذي يدعم الشرط الول هو أن تقف الهجمة الشنعاء ضد الشيعة، ويرفع سب أمير المؤمنين من فوق المنابر. ولو نظرنا إلى هذا الشرط سوف نشاهد أن ايجاد مساحة من الحرية للامام وأصحاب الامام سوف تجعل من الامام يعيد تعبئة الأصحاب والمسلمين ويربيهم تربية سليمة من أجل باقي المسيرة الاسلامية .. ولو استطاع الامام أن يربيهم تربية صحيحة سوف يستطيع أن يقوم بـ الأمة من جديد خاصة بعد أن تعود له الخلافة أو للامام الحسين وهنا سوف تكون الامة متكاملة .. أما الشرط الآخر وهو أن يكون بيت مال المسلمين الذي في الكوفة تحت تحكم الامام فهذا تصرف حيكم لأن الدولة الاسلامية كانت في الكوفة وسوف يكون المال المركزي في الكوفة وسوف يستطيع أن يوزع الامام المال بحق وعدل على الفقراء والمساكين وكافةالمسلمين .
لكن كما توقع الامام فقد نكث معاوية بكل شروطه و دس السم لقتل الامام .. وأن أفعال معاوية وانقلاباته والكثير من التراكمات كانت أول الشرارات من أجل ثورة الامام الحسين عليه السلام وهي التي أسست مبادئ الثورة التي من خلالها استطاع الامام أن يطلق أولى صرخات الثورة الحسينية المباركة.
الامام الحسن بن علي عليهما السلام أحد الائمة الذين ظلمهم ولا يزال يظلمهم الدهر دون الالتفاف ولو لبرهة أنه سبط الرسول وريحانته من الدنيا وأنه فلذة كبد الزهراء عليها السلام، اضافة لهذا فهو امام معصوم وواجب الطاعة بأمر من الله سبحانه وتعالى. فنجد ان مظلومية الامام الحسن تستمر ليومنا هذا، فمن ينظر لقبر الامام الزكي يستغرب كيف يكون هذا قبر ابن بنت رسول الاسلام.
ردحذفسلام الله عليك أيها المسموم المظلوم يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.
سلمت اناملك سيد على هذه الالتفاتة.