الأحد، 28 فبراير 2010

الامام علي (3)


لم تكن الخلافه لدى الامام علي عليه السلام مبتغى أو هدف يسعى إليه مادامت الخلافه لاتجعله يقيم الحق ولا يدحر الباطل .. فلقد طرحت الخلافه على أمير المؤمنين بعد مقتل الخليفه الثاني لكنه رفضها لانها لاتسير على خط الله .. رفضها لان شروطها لاتتوافق مع شروط الاسلام .. فعلي كان هدفه أن يقيم العدل والحق لا أن يستلم الخلافه من اجل ذاته انما من اجل الدين والاسلام .. حتى حينما أستلم الامام علي الخلافه واجهته الكثير من المشاكل والمتاعب من الذين لم يستطيعو ان يتعايشو مع المنهج الاسلامي الصحيح الذي يطبقه علي أبن أبي طالب خاصه بعد الانحرافات التي حدثت في الدوله الاسلاميه خاصه بعد أن أقصي علي من الخلافه وجاء من ليس له حق فيها .. فـ ادار البلاد بـ الامتيازات السياسيه لا بالحق الديني والمساواة بين العباد في الخراج من بيت مال المسلمين حيث نكثف البعض العهد مع علي بسبب المساواة بينهم وبين الاخرين وأعلنو الحرب ضد علي حتى قال الامام مقولته الشهيرة : ماترك لي الحق من صديق .

لقد أراد الامام علي أن يقيم الحق في دولته وان يتساوى الناس بين بعضهم البعض وحينما ياتي الحديث عن التساوي لا نقصد مثلا أن يحصل القاضي على 500 درهم ويحصل الشخص العادي على 500 درهم .. ليست هذة نظريه أمير المؤمنين انما هي نظريه أشتراكيه من التيار الشيوعي الحديث انما المقصود بالتساوي في منهج علي ابن ابي طالب هو التساوي في الخراج ومغانم الحرب بين المسلمين وليس التساوي في الرواتب .. فيجب علينا أن ندقق في هذا الفهم حينما نقول يتم التساوي بين المسلمين حيث كان في الخراج وليس في المال .

ان أول المشاكل التي واجهت الامام علي في مسيرته الخلافيه هي من الناكثون وهم طلحة والزبير الذين ارادو ان يشاركون الامام علي في الحكم وارادو ان يعطيهم الامام علي مميزات في الحكم وفي الخراج من بيت مال المسلمين بصفتهم أصحاب إلى رسول الله "ص" الا ان الامام علي رفض ذالك لانه يتعارض مع الحكم الاسلامي حيث قال الامام علي لهم :ان لكما علي أن أستشيركم أما مساله المشاركة في الحكم لمجرد الصحبة فليس لها أي قاعدة إسلاميه أو قانونيه .. فبعد ذالك خرجو على ولايه أمير المؤمنين وجهزو الجيوش من اجل محاربه الامام علي حتى أقنعو أم الؤمنين عائشه _حسب قول القران_ مستغلين الجانب العاطفي في التحشيد ضد الحرب على الامام علي الا ان الامام قال إلى أصحابه قبل الحرب : تعالو معي فإن رأيتموني على باطل فحاسبوني واستعيبوني بمعنى قوموني .. حيث ذهب الامام ليس من اجل الحرب انما من اجل الاصلاح لعدم شق صف الامة .. وكان الامام علي هو صاحب الحوار والسلم قبل الحرب ولو نقراء الرسائل التي كانت بين الامام علي وطلحة والزبير ( في نهج البلاغه) سوف نتعرف على أن الامام علي أستغل كل الاساليب الحواريه السلميه من اجل أقناعهم عن العدول عن الحرب من اجل حقن دماء المسلمين .. فهذا هو علي الذي أسس لمبدئ الحوار وهو في أصعب المراحل وفي أقسى الظروف . لكنهم لم يقبلو الحوار حتى اطر الامام للحرب ورفع السيف حتى تروي الروايات ان الامام علي أرسل أحد أفراد جيشه يدعوهم للاحتكام للقران الا انهم قتلو هذا الفرد .. حتى أنتصر الامام علي في معركة الجمل التي لم يخرج عليا ليحارب فيها او يقتل المسلمين انما خرج من أجل أن يستقيم الامر.

وما أن أنتهى الامام من حربه مع الناكثون حتى جائت إليه حرب أخرى وهي مع القاسطون وهم معاويه وأهل الشام ومن معه من حلفاء كـ عمر أبن العاص .. حيث كان يرفض معاويه تقديم الولاء إلى الامام علي بصفته حاكم للمسلمين حيث كان يريد أن يستقل بالشام بمفردة بعيدا عن دول المسلمين وكان معاويه يحشد الجيوش من اجل تثبيت حكمة لكن بخباثه حينما أستغل دم عثمان وخرج من اجل المطالبه بقاتلي عمثان حتى رد عليه الامام عليه السلام في أحد كتبه قائلا : اذا كنت تطالب بدم عثمان فماذا لم تنصرة حينما هجم القوم عليه وتاخرت في نصرته ؟ ثم أن تطالب بقاتل عثمان يعني ان تقدم دعوتك لننظر فيها وعند ذالك يأخد الحكم الشرعي مجراة ... لكن معاويه كان يضع الشعار من اجل الحرب ضد الامام لكي يثبت حكمة في الشام فقد روج معاويه للكثير من الافكار في نفوس أهل الشام الضعيفه مستغلا قوة الاعلام الاموي المعتم كـ مقوله ان الامام علي لا يصلي . فلقد حاول الامام علي بكل الوسائل أن يرشد معاويه عن الحرب لكن معاويه صاحب مشروع ولم يكن يمتلك المعطيات القانونيه بالمعنى القانوني مما اطر الامام علي في نهايه المطاف لانه يدفع جيشه إلى قتال معاويه لفرض النظام لانه لو تركة وترك غيرة لاختل كل واقع النظام الاسلامي في ذالك الوقت ودفع الامام بجيشه من أجل حفظ صف الامة من الشق خاصه بعد ان قرر معاويه ان ينفصل عن بلاد المسلمين الذين اجمعو على ولايه الامام علي .

لقد جسد الامام علي وهو في طريقه إلى صفين الكثير من النمادج الانسانيه للقائد الناجح فـ الروايات تروي حينما سمع أمير المؤمنين بعض أصحابه يسبون قوم معاويه قال لهم :" أن أكرة لكم أن تكونو سبابين " فهذا هو منهج الامام علي الذي يصبو في الجانب الاخلاقي والقيمي حتى ان الامام قال لهم : " لو قلتم مكان سبكم اياهم : اللهم احق دماء المسلمين واصلح الدات بينا وبينهم واهدهم من ضلالهم حتى يعرفو حق من جهله .. فـ أي منهج انسان أكبر من منهج أمير المؤمنين .
ويحدثنا التاريخ أيضا انه حينما سيطر جيش الشام على الماء منع جيس الامام علي من شرب الماء وتزود منه لكن حينما سيطر جيش الامام على الماء سمح لجيش معاويه بالتزود بالماء وهذا هو قمة الاخلاق والتربيه الاسلاميه الصحيحة.

وحينما كانت الامور تسير في صالح الامام علي وكانت المعركة قريبه من النصر حتى اشار عمر أبن العاص على معاويه بخديعه وهي الاحتكام إلى كتاب الله وانطلق شعار : من لثغور العراق غير أهل الشام ومن لثغور الشام غير أهل العراق .. وفي وسط هذة الكلمات العاطفيه حدر الامام من انها خديعه يمارسها معاويه فهم لن يحتلكمو الى كتاب الله تعالى خاصه انها جائت بعد أن وصل مالك الاشتر إلى معاويه وكان بينه وبينه بعض خطوات الا ان بعض الدين كانو في جيش الامام علي الدين كان همهم الدين من غير وعي خاصه بعد ان رفعت المصاحف فوق الرماح وتم ترديد شعار : لاحكم الا لله ..قالو للامام علي أما يرجع مالك الاشتر ( وكان يريد قتل معاويه) وان نقتل الامام فـ اطر مالك الاشتر مكرها للعود حفاظا على سلامة وحياة الامام عليه السلام .. أما مساله التحكيم ففرضت علي الامام فقد وضع الشخص الذي لم يردة الامام علي وهو ابو موسى الاشعري مقابل الداهيه عمر أبن العاص حيث كان الامام يريد ان يحكم أبن عباس لكن تلك الفئه التي أنقلبت ورفعت شعار " لاحكم الا لله " أنقلبت وأنفصلت عن الامام علي .

أما المارقين فهم الذين لم يفهمو الدين بالشكل الصحيح ولم تكن مشكلتهم مع الامام علي سياسه او طمعا في الحكم انما كانت مشكله فكريه بـ امتياز .. فـ الامام علي لم يقاتل الخوارج الا حنيما قالو " لاحكم الا الله " حيث كانت كلمة حق يراد بها باطل .. فحاول الامام علي بكل الطرق السلميه والحواريه ان يقنعهم الا انهم ابو ذالك .. فطر الامام ان يجهز جيشدة من اجل أن يحفظ الدين من هؤلاء الذي بدئو ينشرون الافكار الغير صحيحة ورغم ذالك قال الامام : ثلاثه أمر لن نبدء بها .. فلن نبدئهم بالحرب ولن نقطع عنهم الخراج( بيت مال المسلمين) ولن نمنعهم عن المساجد .. وحينما حاربهم الامام علي أراد للدين أن ينتصر لكنه أوصى في أخر لحظات حياته بإن لايقاتلو الخوراج من بعد فقال :" لاتقالتو الخوارج من بعدي فليس من طلب الحق فاخطأة كمن طلب الباطل فأصابه"

فهذة هي المسيرة الصعبه التي عاشها الامام علي في حياته وكانت حربه كلها من اجل الحفاظ على نظام المسلمين وصف المسلمين من الانشقاق وان تسير الامة في الشكل والطريق الصحيح الذي ارادة الله لنا.

الجمعة، 26 فبراير 2010

الامام علي (2)

حينما ياتي الحديث عن الامام علي عليه السلام فنرى الحديث ينصب اما عن صفاته وصبرة وزهدة او نرى الحديث عن فترات خلافه الامام علي التي دامت أربع سنوات وسبعين يوما الا ان فئات قليله جدا تلك التي تتحدث عن فترات التي عاشها الامام بعد ان غصبت عنه الخلافه وأبعد عن حقه فيها بعد الاجتماع الذي عقد في دار السقيفه بينماا كان الامام يجهز نعش رسول الله "ص" ويستعد لدفن نبي الامة .. وللاسف يظن البعض أو الكثيرون أن الامام علي عليه الصلاة والسلام التلزم الصمت وسكت وجلس في البيت كما اوصاة رسول الله "ص" لكن الكثيرون نسو او تناسى البعض أن رسول الله أوصلى الامام علي أن لايرفع سيفا او يفتح معركة على الخلافه وهذا مافعله الامام عليه السلام .. الا ان المعارضه الحقيقيه للحاكم لاتكون فقط في حمل السيف او القيام بمعركة او ثورة انما لها أساليب عدة تكون على حسب الظروف الموضوعيه للزمن .. حيث تكون المعارضه بالكلمة أحيانا وهذا مافعله الامام علي حينما ألقى تلك الخطبة الشهيرة المعروفه بـ " الشقشقيه " وقد أوضح من خلال خطبته حقه الطبيعي في الخلافه وأوضح انه تم غصبها عنه وابعادة عنها لكن الامام علي كان يتحرك في خدمة الموقف والاسلوب الحق لانه كان يريد حكم الرساله ولا يريد حكم الذات .. فكان هم علي هو الرساله والدين وكل فكرة هو الاسلام حتى قال " خشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله وان أرى فيهم ثلمة او هدما تكون المصيبه بها علي أعظم من فوت ولايتكم هذة التي انما هي متاع أيام قلائل يزول منها ماكان كما يزول السراب او كما ينقشع السحاب " .. وحينما فرضت المصلحة ان يجلس عليا في بيته.. خرجت السيدة الزهراء مع ثله من النساء في مسيرة جابت أرجاء المدينه تطالب بحق علي حتى خطبت بهم تلك الخطبة التي كانت تبكي لها الجدار وهكذا تستمر المعارضه بكافه اشكالها لدى علي فلم يكن يجلس يوما في بيته بعيدا عن هموم المسلمين .
ان عليا عليه السلام لم يبايع الا حينما أقتضت المصلحة الاسلاميه في أن يبايع فلم يبايع أبن ابي قحافة الا بعد سته أشهر من رحيل رسول الله فقد جسد الامام علي معنى الرفض لخلافته وجسد المقاطعه لها لكن حينما أقضت المصلحة الاسلاميه التي شخصها علي ان بايع أبا بكر من أجل مصلحة الاسلام الذي كان يصبو إليه علي .. بايع بعد ذالك وقدم الشورى إلى أبا بكر حتى تروي الاحاديث ان أمرئتين جائا إلى أبا بكر ومعهم طفلا وكل منهم يقول هذا الطفل طفلفي ؟ حتى تحير ابابكر ولم يعد يعلم بما يفعل .. ثم أمر بإن ينادى على أبا الحسن عليه السلام .. فلما جاء علي طلب من خادمة قمبر بإن ياتي بـ ذو الفقار ( وهو سيف علي ) فقال لهم : سوف أقطع الطفل إلى جزئين لكي تاخد كل منكم جزا .. فاقلت أحدهم للامام : لا انه طفلها .. فقال الامام : لا بل هو طفلك لانك اظهرت الحنيه عليه .. حتى أعترفت الاخرى بهذا الامر .. هذا هو علي فلم يقل أني لادخل لي بذالك واني لم اعد خليفه فسوف أبتعد عن كل شي واتفرغ إلى محرابي والصلاة والعبادة .. لا فلم تكن المساله تنطلق لدى علي من هذا الجانب انما انطلقت من مصلحة الاسلاميه فكان يقدم الشورى حينما تتطلب المصلحة الاسلاميه بإن يفصح عن رايه .. فكان علي هو أحد المستشارين الذين يعول عليهم عمر أبن الخطاب .. حتى قال قائلهم : لولا علي لهلك عمر .
لم يكن هم علي الخلافه كما كان همة مصلحة المسلمين .. فلم يرفع علي السيف حفاظ على وحدة المسلمين وعدم شق صف المسلمين .. حينما حاول الثوار قتل الخليفه الثالث عثمان أبن عفان أرسل الامام علي أبنائه الحسن والحسين عليهم السلام من أجل حمايه عثمان لكي لايقتل وتنشق الامة وتبدء الفتنه بين المسلمين .. حتى حينما سمع الامام والجيش كان يسير إلى صفين ان أمير الروم يريد ان يغزو بلاد المسلمين قال : سوف اضع يدي مع معاويه ونحارب الروم حفاظا على المسلمين .. فلم تكن المشكله مع شخوص انما كانت كيف تبقى صفوف المسلمين متماسكة من الشق او الفتنه كما حدثت بعد مقتل الخليفه الثالث.
ان الخلافه التي حرم منها علي لم تكن شئا الا ان يقيم حقا ويدحر باطلا .. فقد كان عليا لايفكر في الخلافه الا حينما تكون من اجل اقامة الحق .. فـ عزل علي عن الخلافه كان اول الانحرافات في المسيرة الاسلاميه وهذا ماعبرة عن السيد الشهيد محمد باقر الصدر حينما اوصف ان عزل الامام علي عن الخلافه هو أول مراحل الانحراف في الامة .. صحيح ان بـ ابتعاد علي سوف تحدث الكوارث وسوف يقتل الحسن والحسين وسوف تأتي الويلات على المسملين لكن كانت المصلحة لدى علي في حفظ الامة من الانقسام وليس في ذاته او الخلافه .. فلو حمل علي سيفه بعد أن أبعد عن الخلافه لما بقى من الدين باقيه .. فهذا هو علي المعارض من اجل الدين حتى وهو في أصعب مراحل حياته وهو بعيد عن خلافته .
وهذا هو علي الذي أحب الدين وعاش من اجل الدين ومات وهو في محرابة حفاظا على الدين وبقى علي صوتا للاحرار على مدى الازمان فـ أين أولائك الذين غصبو الخلافه من علي .. وأين معاويه من التاريخ وفي هذا الزمان .. وأرى من المناسب ذكر أبيات الشاعر السوري الشهير محمد مجذوب يقارن فيها بين معاويه وعلي بن أبي طالب

أين القصور أبايزيد ولهوها والصافنات وزهورها والسؤدد
أين الدهاء نحرت عزته على اعتبا دنيا لهوها لاينفذ
هذا ضريحك لو نظرت لبؤسه لاسال مدمعك المصير الأسود
كتل من التراب المهين بخربة سكر الذباب بها فراح يعربد
قم وارمق النجف الاغر بنظرة يترد طرفك وهو باك أرمد
تلك العظام أعز ربك شأنها فتكاد لولا خوف ربك تعبد

الجمعة، 19 فبراير 2010

الامام علي (1)



يقول تعالى : {ومن الناس من يَشرِي نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد}
إن الحديث عن الامام علي "ع" ليس حديث عن الماضي، إنما هو حديث عن الحاضر والمستقبل، لأن عليًا ليس مجرد شخص مر على التاريخ .. إنما هو ذاك الشخص الذي نقش اسمه في كل الأزمنة، وهو الذي مازال يذكر ويؤخد بحديثه وعلمه ومنطقه في كل المراحل المختلفة، ولأن عليًا هو تلك الشخصية التي جسدت الانسان المحافظ على قيمه ودينه، وهو الذي شهد له عدوه قبل صديقه .. فالتاريخ يخبرنا أنه حينما تم إخبار معاوية ابن أبي سفيان – وهو أكبر المبغضين لعلي _ عن استشهاد أمير المؤمنين قال :" لقد هلك العلم والدين " .. فهذا هو عليًا الانسان الذي أخلص للدين وباع نفسه لله، فلم يكن علي يرغب في شيء من حطام هذه الدنيا الفانية، فقد أعلنها عليًا صريحًا حينما قال : " يادنيا غري غيري " لكن الدنيا هي التي لم تستطع أن تتخلى عن علي، حتى حينما باع دنياه وذاب في الله .. حيث كانت الأمة تحتشد على علي، حتى بعد أن أقصي عن الخلافة، فقد كانت تحتشد الأمة لكي يحل مشاكلهم .. فـ الدنيا هي من تحتاج لعلي، وليس عليا هو من يحتاج إليها .. فلم تكن هذه الدنيا أو حتى الخلافة (وهي ليس خلافة دار أومنطقة محددة، إنما خلافة الأمة الإسلامية بـ أجمعها). فـ التاريخ يخبرنا أنه قد أقبل عليه ابن عباس وكان سلام الله عليه يصلح نعله، فسأل الامام هذا: ابن عباس ما قيمة هذا النعل؟ فرد عليه : لاقيمة له .. فقال الامام علي : إن قيمتها عندي أفضل من خلافتكم هذه أن لم أقم حقا وادحر باطلا .. فلقد كانت مشكلة عليا في هذه الدنيا أنه كان مع الحق دائمًا فلم يكن يستمع إلى البعض حينما قيل له :خد من الحق قليلا ومن الباطل قليلا وامزجهم مع بعضهم من أجل أن تعيش .. فقال الامام علي مقولته الشهيرة : ماترك لي الحق من صديق . لقد سُب الامام علي فوق منابر المسلمين لـ أكثر من خمسين عامًا، لكن أين عليًا وأين معاوية؟ حتى وصلت درجة الظلم والاضطهاد التي تعرض لها الامام أن الإعلام الأموي المعتم وصف وروج في نفوس أهل الشام المريضة أن الإمام علي كان لا يصلي، من أجل أن ينال من الامام علي ،و لاجل مغريات هذه الدنيا والخلافة، أو من أجل التحشيد للحرب ضد الامام .. لكن يأبى الله ذلك ورسوله .. فقد بقيت شخصية الامام علي واضحة لاتغطيها الشوائب .. فلقد كان عليا هو أب كل يتيم في هذه الامة .. فكان يكسو اليتامى، حيث يخرج ليلاً، ويمسح فوق رؤوس الأيتام ويطعمهم، ولم يكن يعلم أحد شيئًا عنه ، ولم تكن تلك الاطفال تعرف أن الذي يحن عليها هو أميرها وهو سيدها ومولاها علي، لقد كان علي مثلا للزهد في هذه الدنيا، ولم يطمع في شيء، حتى حينما غصبت منه الخلافة .. لقد عاش عليٌ حياته من أجل الاسلام، فكان يتحرك في الخط الاسلامي ،وكان يحارب حينما تكون مصلحة الأمة في أن يرفع السيف ويحارب ،وليس لمصلحته الذاتية، وكان يسالم حينما تكون مصلحة الامة في بأن يسالم ويحفظ دين الاسلام .. فلقد قال عليٌ مقولته الخالدة : "لأسلمن ماسلمت أمور المسلمين ".. هذا هو علي فلم يكن يبحث عن شيء غير مرضاة الله .. فلقد باع نفسه من أجل الدين حينما بات في فراش النبي ليلة الهجرة من مكة المكرمة الى المدينة، حتى نزلت الآية الكريمة { ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله}. لهذا كان علي هو البطل في كل مراحل حياته ،من أجل الاسلام الذي انفتح عليه من أجل الذوبان في الله عز وجل، ولهذا كان علي هو الأسد الذي لايخاف، وكان الكرار غير الفرار .. وقالها رسول الله "ص" { لأعطين الراية إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله .. كرار غير فرار ولايرجع حتى يفتح الله بيده } .. إن هذا الانقطاع الذي جسده الامام في حبه لله جعله لا يرى سواه، حيث تصدق بـ الخاتم وهو في موضع صلاته من أجل التصدق على الفقير .. فنزلت الآية الكريمة { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} .. حتى حينما ضرب ذاك الشقي ابن ملجم رأس الامام عليه السلام .. قال _ فزت ورب الكعبة _ فلم يقل أني خسرت مالي أو جاهي أو دنياي، لأنه كان في انتظار تلك اللحظة التي تجعله قريبا من الله .. تجعل من لقائه بالخالق ورسول الله قريب .. هكذا عاش علي حياته من اجل الله .. حتى في مراحل خلافته كان يقيم الحق والعدل والمساواة حتى على نفسه واهل بيته .. فحينما جاء له أخوه عقيل يطالبه بـ زيادة في حقه من بيت مال المسلمين .. رفض علي لأن ذاك الشي يغضب الخالق حتى ولو كان على رضا المخلوق، فكل تلك المراحل كانت من أجل الذوبان في الله عز وجل .

الأحد، 14 فبراير 2010

ونكثف العهد


في 14 فبراير-2001 صوت الشعب البحريني بنسبه 98.4 بنعم لميثاق العمل الوطني، وفي 14 فبراير -2002 انقلب النظام على ميثاق العمل الوطني، والدستور العقدي، وانقلب على كل المواثيق التي صدق عليها الشعب حينما مد يده بصدق، لكن النظام انقلب من جديد على المواثيق. وسوف يكون الحديث في عدة نقاط أولا :قبل أن نبحر في خوض وتحليل تلك التجربة وتلك الحقبة دعونا نطرح سؤال مهم جدًا : لماذا أقدم النظام على طرح ميثاق العمل الوطني؟ أعتقد أن السلطة طرحت الميثاق للخروج من الأزمة الأمنية والسياسية التي لحقت بـ البلاد .. ومن الواضح جدا أن السلطة استطاعت أن تسيطر على الحالة الأمنيه في عام 1998 .. لكن السؤال الأهم؟ لماذا لم تنتهي الانتفاضة خاصة في ظل السيطرة الامنية على مجريات البلاد؟ اعتقد أنه من الواضح جدًا أن الأسلوب السياسي الذي اتخدته المعارضة كان مقدم على الاسلوب الامني .. فمثلا مازال اكثر من 15 ألف معتقل في السجون وهناك المئات من المشردين والمهجرين، لكن مثل صمود المعتقلين والقيادات في المعارضة في داخل المعتقل في بقاء أهداف المعارضة فلم يستطيع النظام أن يقمع الأهداف بـ الحالة الأمنية، أو يمسحها من أرض الواقع ،أو يحرفها عن مسارها الصحيح .. فبقت الأهداف، وبقى المعتقلون في السجون لتبقى الأزمة السياسية باقية خاصة في ظل التوازن السياسي بين المعارضة والسلطة ،وهذا الأمر جعل السلطة في الزاوية الضيقة التي جعلتها تطرح ميثاق العمل الوطني للخروج من الازمة وليس برضاها أو طيبة وخلق منها . ثانيا : بعد ماطرح النظام مشروع ميثاق العمل الوطني كان أصحاب المباردة في ذلك الوقت في داخل المعتقلات ،وكانت أغلب الجماهير تنتظر رأيهم لـاتخاد الموقف المناسب من الميثاق، وبـ الفعل بعد أن أجرت القيادات مشاوراتها وبعد الاجتماع مع الملك طرحت أربعه شروط أساسية، الاول : حاكمية الدستور على الميثاق ،ثانيا : أن يكون التشريع والرقابة من اختصاص المجلس المنتخب والمجلس المعين للاستشارة فقط ،ثالثا : إلغاء قانون أمن الدولة، رابعا : الافراج عن كافه المعتقلين والسماح لكافة المعتقلين بالعودة . أعتقد في رأيي الخاص أن التصويت على الميثاق قرار صحيح في ذاته .. وكما قال سماحة الشيخ عيسى قاسم حفظه الله في أكثر من حديث " لو عمل بالميثاق لكانت الاوضاع في البلد غير هذه الأوضاع " لكن المشكلة الاساسية تكمن في الانقلاب على المواثيق من النظام ،لكن اعتقد ( وقد يكون هذا الاعتقاد خاطئ ) أن المعارضة وقعت في خطأ المفاوضات .. حيث تم الاتفاق على الأهداف العامة والمطالب العامة ولم يتم الاتفاق على خارطة الطريق ( جدولة زمنية ) من خلالها يتم حل كل الملفات عن طريق الحوار والعمل المشترك من خلال ورشات العمل واللجان والهيئات .. فالمعارضة فقط طرحت الحلول لكنها لم تطرح خارطة الطريق الصحيحة التي من خلالها تتم حلحلة كل الملفات السياسية . ثالثا : بعد الانقلاب على الميثاق أصبح هناك عدة مواقف من الانقلاب:الموقف الاول : لم يرى أصحاب هذا الرأي أن هناك انقلاب وقبلوا بدستور 2002 وبنوا عليها الموقف ، الثاني : يرى أصحاب هذا الرأي أن هناك انقلاب على الدستور والميثاق إلا أنهم رتبوا أوضاعهم عمليًا على العمل وفق دستور 2002، الموقف الثالث : يرى أصحاب هذا الرأي أن هناك انقلاب على الدستور والميثاق واتخذوا لأنفسهم وضعًا في مواجهة الدستور وما بني عليه على قاعدة : أن مابني على باطل فهو باطل ما الحل : أعتقد أن من أهم الأمور هو عدم الاعتراف بشرعية الدستور الغير شرعي 2002، ورفض الانطواء وفق مؤسساته والبرلمان الصوري الذي يمثله دستور المنحة .. ويجب على المعارضة أن تسقط هذا الدستور بشتى الأنواع والوسائل والادوات السياسية والحقوقية والاعلامية، من أجل بلد يمثل دولة المؤسسات والقانون .وأني أرى أن أغلب القضايا ترتبط بالقضية الدستورية، ومن الجهل والسذاجة فصلهم عن بعضهم البعض، وأن سقوط الدستور الحالي وكتابة دستور تعاقدي بيدي بحرينية هو السبيل الأمثل لحل كل القضايا السياسية العالقة بعد أن تسلم إلى البرلمان المنتخب وفق ارادة الشعب وأن تصوغ المعارضة والنظام خارطة طريق وفق رؤية وآليات محددة تسير عليها من أجل حلحلة كل الملفات العالقة.

السبت، 13 فبراير 2010

رسول الحق والهدى


كان المجتمع في الجاهلية يعيش أبشع أنواع التخلف الأخلاقي والفكري والعملي على مستوى السلوك والعمل، فلقد كان الجهل هو الذي يسيطر على المجتمع في شبه الجزيرة العربية في ذلك الزمان .. إلى أن بعث الله برسوله الكريم ليخرج الأمة من الجهل إلى العلم والمعرفة .. ومن التخلف إلى النمو والازدهار، حتى بدأ المجتمع يتربى على أخلاق رسول الله "ص"، وعلى القيم والمبادئ الاسلامية سواء في مرحلة الدعوة السرية التي اتخدها الرسول في بداية نزول الوحي ،الذي أمر الرسول بالدعوة إلى رسالته وخاصة أن النبي كان يجلس لساعات طوال يتأمل في غار حراء، حتى نزل عليه جبرائيل يقول له :إقرأ، قال رسول الله(ص) قلت ما أقرأ، وقال له ثانية إقرأ، قال(ص) قلت ما أقرأ، وأعادها عليه ثالثة، فقال: {إقرأ بإسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق* إقرأ وربك الأكرم الذي علّم بالقلم* علّم الإنسان ما لم يعلم}. فقرأها الرسول(ص) وبشّره جبرائيل أنه رسول الله(ص)، وجاء إلى خديجة(ع) يقص عليها ما جرى له، ثم بقى الوحي مدة منقطعًا عن رسول الله كما تقول الروايات، وهو يتأمل في غار حراء إلى أن نزل عليه جبرائيل وقال له :يامحمد أنت رسول الله حقًا .. فارتاح لذلك، وترك النداء أثراً عميقاً في نفسه، وسرت عنه مخاوفه وأخلد للنوم، وبينما هو غارق في النوم جاءه الملاك جبرائيل ليبلغه رسالة الوحي، فاستيقظ من نومه ليستمع إلى الوحي يقول له: {يا أيها المدثر* قم فأنذر* وربك فكبر* وثيابك فطهر* والرجز فاهجر* ولا تمنن تستكثر* ولربك فاصبر..}. حتى بدأ الرسول ينطلق في رسالته ويطرحها على الاقربون كـ زوجته خديجه وابن عمه الامام علي وآخرين من الصحابة، لكن بسبب سلطة قريش داخل مكة جعلت الدعوة في نطاقها السري قبل أن يجهر بها رسول الله ،حتى أن بعض المسلمين كانوا يذهبون إلى مناطق خارج المدينة من أجل اتمام الصلاة والتعبد لله وحده لاشريك له ..واستمرت الدعوة السرية حتى شعر المشركون ببعض الحركة من قبل رسول الله "ص" وبدأ المشركون في حركة المضايقة والمراقبة لرسول الله ،خاصه بعد أن أذن للرسول بالجهر بالرسالة {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين} وقوله تعالى :{وأنذر عشيرتك الأقربين* واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}. وبدأ في مناقشة المشركين حول أساس العقيدة والتوحيد، لكن المشركين كانت قلوبهم تبتعد عن معرفة الحق وعقيدة التوحيد. ومن أجل أن يمتد الاسلام والرسالة بشكلها الصحيح، هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة .. وكان من أبرز الأسباب التي جعلت اختيار الهجرة للمدينة المنورة هو وجود حاكم عادل ،وليس هناك خوف من أن يقمع هذا الحاكم عقيدة المسلمين ويستهدفهم .. ومن أول الأعمال التي قام بها رسول الله في المدينة المنورة هي بناء المسجد ليكون المكان الرئيسي في تعليم ونشر مبادئ الدين ، ثم عمل على صياغة وثيقة تنظم العلاقات في المجتمع ، خاصة في ظل وجود بعض اليهود داخل المدينة. وقام بعد ذلك بـ المؤاخاة بين المسلمين، حتى تهيأت الأسباب و الظروف لرسول الله بأن يبدأ في صياغة جيش المسلمين من أجل نشر الإسلام ومحاربة المشركين .. ولو سألنا أنفسنا : لماذا لم يحارب رسول الله "ص" المشركين قبل الهجرة وحاربهم بعد ذلك؟ نستطيع أن نستنتج أن رسول الله كان يريد صياغة عقيدة صحيحة للمسلمين في بداية الدعوة، حتى يتمكن من صياغة الانسان المسلم وفق الرؤية الرسالية الالهية، وهي الخلافة في الأرض، وهذا ماسعى إليه الرسول الكريم .. لكن بعد اختلاف الظروف أصبح من واجب الرسول إعداد الجيش وإعداد العدة من أجل حماية الاسلام {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو اللّه وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم اللّه يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل اللّه يوفَ إليكم وأنتم لا تظلمون} .. حتى أذن للرسول أن يحارب المشركين في غزوة بدر حيث كان المسلمين قلة أمام المشركين {أذِنَ للذين يقاتلون بأنَّهم ظلموا وإنَّ اللّه على نصرهم لقدير*} وقوله :{وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنة ويكون الدين للّه}. حتى أنتصر المسلمون في بدر وبدأت قوة الاسلام تظهر وعاد المشركون مخذولين منكسرين يجرون أذيال الهزيمة ويتوعدون المسلمين .. حتى خاض المسلمون بعد ذلك الكثير من الغزوات كـ أحد والخندق وحنين وتبوك، واستطاع رسول الله من خلال الحوار بين المشركين والمسلمين والرسائل والحروب أن يثبت دعائم الاسلام .. لكن السؤال الذي يطرح هل أن رسول الله استطاع أن يثبت دعائم وأركان الاسلام من خلال الحرب فقط أو إن هناك الكثير من الوسائل وأبرزها الحوار مع المشركين .. حيث تروي الروايات أن رسول الله كان ينادي المشركين حتى اجتمعوا، ومن لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولاً لينظر ما يريد، فاجتمع إليه منهم حوالي الأربعين، فقال النبي(ص): أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ فقالوا: بلى والله، لأنّا ما جربنا عليك كذباً، قال: إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تبّاً لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله تعالى عليه{تبت يدا أبي لهب وتب* ما أغنى عنه ماله وما كسب* سيصلى ناراً ذات لهب* وامرأته حمّالة الحطب* في جيدها حبل من مسد}. كان الرسول يعامل المشركين بالرفق في دعوته حيث دعاهم بمنطق العقل والخطاب العقلاني {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} لكن المشركون كانو يؤذون رسول الله ويعاملونه بجفاء ويلحقون به الاذى، لكن الرسول دعا ربَّه: "اللّهمَّ إليك أشكو ضعف قوّتي، وقلّة حيلتي وهواني على النّاس ... يا أرحم الراحمين، أنت ربّ المستضعفين وأنت ربّي، إلى من تكلني؟! إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدوٍ ملكته أمري؟! إن لـم يكن بك غضبٌ عليّ فلا أبالي" . وهكذا عاد رسول الله إلى رسالته بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى انتشر الاسلام وبقت عقيدة التوحيد هي الديانة الحقة في شبه الجزيرة العربية، لكن بقى أمر واحد يجب على رسول الله ان يبلغه لـ اكمال الاسلام ..{يا أيُّها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربِّك وإن لـم تفعل فما بلّغت رسالته واللّه يعصمك من النّاس} حيث نادى في حجة الوداع أمام جمع حاشد من المسلمين قال: ((اللّه مولاي وأنا ولي كلّ مؤمن ومؤمنة)) وأخذ بيد عليّ (ع) وقال: ((من كنت مولاه فهذا عليّ وليه، اللّهمَّ والِ من والاه وعادِ من عاداه)). حتى بارك له أغلب الصحابة، حتى من غصب منه خلافته ..ثم أنزل اللّه تعالى : {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} .

الخميس، 11 فبراير 2010

الحسين في قلب الشعب الهندي

عندما تشاهد الملايين تزحف إلى كربلاء فهذا أمر طبيعي ومتوقع، لأن ضريح وقبر الحسين في كربلاء، وحينما تشاهد الألوف الشيعية تحيي الشعائر في شتى الدول الاسلامية فهذا أمر متوقع أيضًا، لأنها تمثل خط الإسلام وتحتوي على شيعة موالين. لكن حينما تشاهد خروج الأمواج البشرية في دولة لاتمثل الإسلام وديانتها ( الهندوسية ) ،هنا يجب علينا الوقوف أمام هذه الظاهرة وقفة دراسية لنتعرف على مدى حب هذا الشعب ومدى معرفته بالحسين .في تجربة شخصية لي في ذكرى الأربعين الأخيرة في شوارع العاصمة بونا في الهند، وهي الدولة الغير إسلامية التي تحتوي على مختلف الديانات وتصادف مختلف الألوان و المذاهب الفكرية والعقائدية، لكن السؤال الذي يطرح : ماقيمة ذكرى الحسين لدى الشعب الهندي؟ وهل الحسين شخص مقدس ومحترم لدى الشعب الهندي؟ وكم من هؤلاء يعرف الحسين ؟قبل أن ننطلق في محتوى الموضوع يجب علينا ان نتذكر مقولة المهاتما غاندي في الحسين حينما قال : " تعلمت من الحسين كيف أكون مظلومًا فأنتصر " .. عندما نقرأ أو نسمع هذه الكلمات من شخص لاينتمي للعقيدة الإسلامية فيجب علينا أن ندرس الأسباب التي دعت غاندي إلى البحث والتعرف على الحسين وثورة الحسين المباركة .. أعتقد أن غاندي انطلق في دراسته لحياة وثورة الامام من منطلق دراسة حياة العظماء في التاريخ، ودراسة حدث الامام كأحد عظماء التاريخ الذي انطلق بثورته المقدسة للانتصار رغم هزيمته العسكريه لكن في االقواعد السياسية " انتصر الدم على السيف "، فـ أنتصر الحسين وبقت ذكرى الحسين على طول التاريخ، باقية ما بقي الدهر، وبقى الحسين مخلدًا في كل عام وكل حين، ليصبح الحسين أحد العظماء الذين يدرس الغرب حياتهم وثورتهم من منطق الاستفادة وأخذ العبرة من حياته المباركة .. فنحن حينما ندرس الحسين ندرسه من منطلق ديني عقائدي اسلامي، أما الغرب فـ تبدأ من منطلق الاستفادة من حياة العظماء .. ومن هذا المنطلق عرف الشعب الهندي الحسين .في حادثة حدثت لي مع أحد الهندوس حينما سألته ماهو العيد الذي يقيمونه هذا اليوم ( وكان يصادف يوم الأربعين ) حيث شاهدت الفرح والرقص والخروج في الشوارع .. قال لي : إن الحسين انتصر في هذا اليوم؟ ثم قال لي : لماذا تبكون والحسين منتصر؟ فـ قلت له نحن نبكي لمظلومية الإمام الحسين وماحدث له في ظهر العاشر وبقائه وحيدًا بلا ناصر ولامعين، ونبكي على سبي النساء وترويع الأطفال .. إذًا حتى أبناء الديانة الهندوسية تحيي ذكرى الحسين، لكن بشكل مختلف، وإن كنا نخالفهم في الأسلوب لكن تبقى فكرة الإحياء وفكرة معرفة الحسين في عقل الشعب الهندي .أما المسلمون بـ مختلف انتمائاتهم ( الشيعة الامامية والزيديين البهرية والاسماعيلين والسنة .. الخ) فتحيي ذكرى الحسين من خلال النزول للشوارع ولطم الصدور وجرح الظهر بـ السكاكين والمشي فوق الجمر وهم ينادون واحسيناه .. حتى ولو اختلفنا معهم في الأساليب لكن تبقى ذكرى الحسين حية في قلب كل الشعب الهندي بـ مختلف أطرافه .مثلا في مولد رسول الله "ص" يحتفل أكثر من عشرة ملايين من المسلمين من خلال النزول كـ أمواج بشرية وهي تنادي يارسول الله ،ويوضح الشعب الهندي فرحته بـ ميلاد النبي وكل ذلك في بلدة لاتتخد الإسلام عقيدة .وتبقى ذكرى الحسين مخلدة.

الجمعة، 5 فبراير 2010

من وحي الاربعين


وتعود ذكرى الأربعين لنجدد الحزن على الحسين .. سيدي يا أباعبد الله إن لم يجبك بدني عند استغاثتك، ولساني عند استنصارك، فقد أجابك سمعي وبصري وعقلي وروحي، لأنك الإمام الذي أعطى كل حياته من أجل الاسلام.. يا أباعبد الله سوف نبقى على خطك، وسوف نبقى ننشد التغير على المستوى الديني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وسوف يبقى شعارك هو شعارنا، وهدفك هو هدفنا، سوف ننطلق من نفس المنطلق الذي انطلقت منه .. لقد علمتنا يا أباعبد الله وأنت في آخر ساعات حياتك أن لانعطي بيدنا اعطاء الدليل، وأن لانقر اقرار العبيد، ولو اجتمعت كل قوى الاستكبار في محاصرتنا ومحاربتنا، وسوف يبقى شعارنا الذي نطقت به وهو يساومونك على دين جدك هو شعارنا " هيهات منا الذلة " .. سيدي يا حسين إن لم نكن معك في ظهر العاشر من محرم ، فسوف نبقى على خطك وسوف نلبي شعاراتك، وسوف يبقى خطنا هو خط الاسلام الأصيل ونبقى أبناء للمرجعية، وسوف نتربى ونٌنشَأ على أيدي العلماء، ونتخرج من مدارس الحوزة التي بقت من خلال ثورتك ودمائك الطاهرة . ومن هذا المنطلق يجب علينا أن ننطلق من نفس الهدف الذي انطلق منه الامام الحسين، ويجب أن يكون ثباتنا في الموقف كـ ثبات سيدتنا و مولاتنا زينب التي وقفت في قصر يزيد موقف الانسان القوي الذي يمثل الصمود والإباء والعزة ،وقفت وقالت بشموخها الانساني والديني _ مخاطبة يزيد _ " كد كيدك واسعى سعيك فـ والله لن تمحو ذكرنا " هذا هو الموقف الذي مثلته عقيلة الطالبيين في قصر يزيد حينما فضحت النظام الأموي، وكشفت زيف وتكذيب الإعلام الأموي المظلل الذي أقنع الشارع الاسلامي أن هؤلاء خوارج ،وحاربهم يزيد من أجل الحفاظ على الاسلام .. فلقد كانت فصاحة وبلاغه السيدة زينب هي فصاحة علي ابن أبي طالب ،وذكرت الأمويين وكل الموجودين في القصر بخطب أمير المؤمنين في سكك الكوفة .. لقد أسقطت السيدة زينب كل أنواع الزيف والكذب التي استخدمها يزيد وابن زياد، وأوضحت الأمور بشكلها الصحيح، ليثور الناس على بني أمية .. وحينما حاول يزيد بن معاوية تدارك الموقف، أمر بأن يؤذن المؤذن للصلاة( والروايات تقول أنه لم يكن وقت صلاة )، وحينما قال المؤذن الله أكبر، قال الامام علي بن الحسين : كبرت كبيرًا وعظمت عظيمًا .. ثم قال المؤذن : أشهد أن لا إله إلا الله، قال الامام : شهد بها لحمي وعظمي وجلدي وروحي .. وحينما قال : أشهد أن محمدًا رسول الله، .. قال الامام : يايزيد محمد هذا جدي أم جدك .. فإن قلت جدك فقد كذبت وإن قلت جدي فلما قتلت أبيَ الحسين . فبهذا الموقف القوي في الثبات بعد معركة ظارمة في ظهر العاشر، وبعد السبي من كربلاء إلى الكوفة ثم إلى الشام، تمثل لنا معنى الثبات على الحق، وأن المد العاشوري مازال متواصلاً في أهل البيت .. فـ الحسين انتصر بالدم على السيف، وواصلت زينب المعركة بكل ثباتها وصبرها ،وبعفتها وبحجابها، الذي هز كيان الامويين في وسط قصرهم .. والروايات تحدثنا أنه حينما عاد الركب إلى المدينة، جاء أحدهم يسأل الإمام السجاد: من المنتصر؟ هل الحسين المقتول أم يزيد الذي استولى على زمام السلطة؟ قال الامام السجاد : إذا رفع الأذان عرفت الغالب .. إذا قال المؤمن أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله عرفت الغالب .. فـ المقصود من قول الامام أن الانتصار هو في المحافظة على القيم والمبادئ والأهداف ،وليس الانتصار العسكري . وإن أبر المحافظين على القيم والمبادئ الحسينية هي المقاومة الاسلامية في لبنان التي هُدمت فوق رأسها المباني ،ودُمرت البنية التحتية، لكنها حافظت على مبادئها وسلاحها ومقاومتها، فـ انتصرت بعد 33 يومًا من العدوان... لأن هؤلاء هم أنصار الحسين الحقيقيون، وهم من مدرسة الحسين .. حينما نقول أننا من أنصار الحسين فـ لندافع عن قيمنا ومبادئنا .. حينما نقول " ياليتنا كنا معكم " فهذا الشعار يتطلب الثبات في الموقف وليس مجرد شعارات براقة نحملها ونفتخر بها .. حينما نذرف الدموع في المأتم فيجب أن تكون دموع وعي للرسالة .. يجب على هذه الدموع أن تتحرك في ساحات الجهاد من أجل التغيير .. ليس المطلوب من مصطلح الجهاد رفع السيف ،إنما هناك الجهاد في التربية والثقافة والدفاع عن الدين .. كم نحن بحاجة إلى شخصيات تربت على مبادئ الحسين لتنهض من جديد وتنطلق كما انطلق الحسين للحفاظ على الاسلام .

الاثنين، 1 فبراير 2010

فاطمة القدوة



لكل انسان في هذا الكون أهدافًا يسعى إلى بلوغها وتحقيقها والوصول إليها.. ليصل بذلك إلى الحلم الذي سعى إليه .. ومن طبيعة هذا الكون أنه لا نتيجة بلا عمل.. ولا انجاز بلا إرادة.. ولا جواب بلا سبب.. ومن الأسباب التي تجعل الإنسان متميزًا في شتى مجالات الحياة هو أن يتخذ له قدوة وأسوة في حياته .. وينهل من فكر وعلم ومبادئ هذه القدوة في شتى المعارف والحكم المتنوعة .. لكن : من هم القدوة ؟ ما حاجة الإنسان إلى القدوة؟ وبمن يقتدي الإنسان ؟
في طبيعة البشرية أن الإنسان المكافح في معارك الحياة يبحث عن التميز وهذا التميز لا يأتي إلا بالاختيار الدقيق والصحيح للأطروحات والأفكار التي يتخذها منهجًا له في الحياة والاختيار الصحيح للقدوة .. ولا يمكن للإنسان أن يتخذ من شخص قريب له أو قرين له في العمر قدوة لأن هذه القدوة لا تقود الإنسان إلى الكمال، لأن في الأساس أغلب البشرية من جنسنا تفتقد إلى الكمال الذاتي، لأنه مهما بلغت رفعة وشأن الإنسان يبقى فقيرًا في العلم والمعرفة والمبادئ والقيم أمام الإنسان الكامل المعصوم المنزل والموصى به من السماء .. لكن إذا أتخذ الإنسان قدوة كفاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول الله وزوجة أمير المؤمنين وأم السبطين فأنه يحقق الكمال الذاتي في الاختيار الصحيح للقدوة في هذه الحياة.
تعتبر فاطمة الزهراء الملقبة بأم أبيها مثال للمرأة الصالحة التي جسدت معاني عظيمة وخلدت أسمها بأحرف من ذهب في التاريخ الإسلامي الأصيل.. وفاطمة الزهراء ليس مجرد تاريخ نستذكره في كل ذكرى تمر علينا سنويا، أنما هي مثال نقتدي به في كل مراحل حياتنا لما جسدته هذه المرأة العظيمة من مبادئ وأفكار لا يعملها إلا المعصومون المنزل بهم من السماء.. فلقد مثلت فاطمة أربع أدوار رئيسية هامة سوف نتحدث عنها في مجمع حديثنا البسيط لهذه الشخصية العظيمة:

فاطمة وأبيها:
لم تكن السيدة الزهراء عليها السلام مجرد أبنة لرسول الله "ص"، أنما كانت له الأم الرحيمة فسميت بأم أبيها .ولو نستخلص الحكمة من هذه التسمية لعرفنا أن معنى الأم هي التي تجمع الحنان في أحشائها وتجمع الأمة بأجمعها داخل قلبها الرحيم، وهي التي تقدم الغالي والرخيص من أجله، وهي الودودة التي تراها في وقت الشدائد .. أما معنى كلمة الوالدة فهي التي ولدت الابن وحملته في بطنها وتعبت الليالي من أجل أن يخرج إلى هذا النور، وليس كل من ولدت تستحق أن تكون أم لأن الأمومة صفة رحيمة ورائعة. فلقد جسدت السيدة الزهراء معنى الأمومة حينما كانت تخفف عنه الأذى حينما كان يؤذى بقسوة في بداية الدعوة إلى الإسلام، فكانت تنفض الغبار عن جبينه الطاهر، وكانت تمثل معنى الاحترام لأبيها حيث ورد في الروايات المتواترة أنها كانت تخجل من أبيها ولا ترفع عينها أمامه احترمًا وتبجيلا لمقام رسول الله .
لو نظرنا إلى واقعنا الحالي وطبيعة العلاقة بين البنت وأبيها سوف نرى الكثير من الفراغ العاطفي في التعاطي فيما بينهم.. سواء من ناحية الأب مع البنت، أو حتى في تعاطي البنت مع الأب ،حيث نشاهد فجوة كبيرة في العلاقة بينهم سواء على مستوى الحنان أو حتى على مستوى العلاقة والقرب العاطفي بين الطرفين، وللأسف نرى غياب الحوار وتبادل الأفكار بين الطرفين، والذي نراه هو إصرار طرف على فكرة ضد طرف أخر .. أو معاندة طرف إلى الطرف الأكبر ومحامله إلى كسر كلمته والخروج عليها .. فأين نحن من علاقة فاطمة بمحمد ومن علاقة الوالد بفتاته في هذا الزمان.

فاطمة وعلي :
لولا وجود علي لا وجد كفؤ لفاطمة .. ولولاكِ يا فاطمة لما تمثلت لنا معنى الزوجة الصالحة التي تحافظ على زوجها، وتستطيع أن تمثل أروع وأسمى صفات الصبر في المصاعب .. حيث لم يكن الإمام علي صاحب ملك ولم يكن أبي طالب صاحب جاه ليرثه علي عليه السلام بمال أو جاه، لكن كان علي صاحب موقف وعاشت معه فاطمة في أقسى الظروف، لم تكن فاطمة تشكي يومًا من حالها.. رغم الصعاب ورغم أن الزاد لم يدخل بيتها لـ أكثر من ثلاثة أيام كما جاء في بعض الروايات.. رغم أنها بنت رسول الله "ص" قائد الأمة الإسلامية ، إلا أنها أبت أن تطلب من أبيها قوت يومها ومثلت بذالك صفات الصبر والتضحية في سبيل زوجها.. لقد عاشت الزهراء مع علي في جو الإيمان .. لقد سطر علي وفاطمة أسمى وأروع النماذج الزوجية فلم يرى في التاريخ الإسلامي زوجة أعظم من فاطمة.. يا فتاة الإسلام ؟ أينكِ من بنت رسول الله ؟ لقد تزوجت فاطمة بمهر مقداره قرآن ولم تكن تطلب نفسها بمال من حطام هذه الدنيا.. أنما طلبت زوجًا يحفظها كعلي .. فلماذا نتصارع اليوم في هذا الزمان على زخارف ومميزات الزواج والصالات وأكبر المهور؟ .. هل أصبحت قيمة البنت في مهرها ؟ أم أن قيمة البنت في الزوج الصالح الذي يحفظها ؟ لم يطلب رسول الله من علي مالا، أنما عرف علي الحق وعلي الإيمان.. ما هي المنطلقات التي من خلالها نزوج بناتنا ؟ هل هو الإيمان أم هو المظهر الخارجي من المال والجمال؟
إذا كانت فتاة الإسلام تريد الراحة الزوجية فعليها أن تقتدي من بيت فاطمة.

فاطمة وأبنائها:
ما أروع أن يكون هناك طفلا من رحم فاطمة.. وما أجمل أن يكون والد هذا الطفل عليًا.. وما أحلى حينما نرى الحسن والحسين يخرجا من صلب فاطمة لتتجسد معنى الأمومة في فاطمة .. لقد كانت فاطمة " أم أبيها " ولقد كانت فاطمة أم الحسن والحسين .. كانت فاطمة تعاملهم بالرحمة واللين، وتعلمهم مبادئ القرآن وحكم الإسلام، .. فاطمة لم تكن مجرد أم أنما كانت المربية التي نسجت سيدان من سادة شباب الجنة.. لقد كانت كما تروي الروايات يأتي الحسن إليها ويخبرها ماذا قال جده رسول الله في المسجد.. ثم يأتي علي ليحدثها إلا أنها تخبره بعلمها بما دار لان الحسن أخبرها وهذا نموذج صالح في الأمة يجب أن نقتدي به . كم من الأمهات في هذا الوقت يسألون أبنائهم أو يحثون أبنائهم على الحضور إلى المسجد أو صلاة الجماعة ؟ وكم من الأمهات اللاتي يناقشن ويعلمن أبنائهن أصول القرآن وتعاليم الدين ؟ لماذا تصبح الزهراء مجرد قدوة نظرية للأمهات وهن بعيدات كل البعد عن الاقتداء بأفعال الزهراء في التعاطي مع أبنائها ؟ لماذا أبنائنا بعيدون عن أمهاتهم عكس الحسن والحسين القريبان من الزهراء، واللذين يخبرانها بما يحدث ؟ لماذا لا نجعل من أولادنا مثال للابن الصالح .. أليس أجدر بنا أن نعلم أبنائنا تعاليم أهل البيت.. أذا كانت الزهراء هي القدوة لكن أيتها الأمهات فجدير بكن أن تقتدوا بها في تعاملكم مع أبنائكم من أجل بناء جيل صالح ينشر الإسلام في كل بقاع الأرض.

فاطمة وموقفها السياسي:
بعد أن جار الزمان بعد رحيل رسول الله "ص"، وبعد أن أقصي عليًا من الخلافة.. لم تكن فاطمة الزهراء لتسكت عن حق علي .. فقد نطقت بكلمة الحق في وجه سلطان جائر .. وخطبت خطبتها الشهيرة داعية إلى أن تعود الخلافة إلى علي، وقادت هي وثلة مؤمنة من النساء المسيرة في المدينة مطالبة بهذا الحق، ولم تهاب أو تخاف جور السلطان لأنها والحق يسيران.. لقد مثلت فاطمة نموذج للمرأة التي تقود العمل السياسي بعفتها وشرفها وقوتها، فلم تتنازل عن حق بعلها ولم تهاب السلطان رغم أنها ضربت وسلب حقها، إلا أنها آثرت إلا أن يصل صوتها للخليفة أنها تطالب بحق علي في الخلافة.. لقد جسدت فاطمة معنى المرأة في العمل السياسي الذي نفتقده في هذا الزمان.. فلم تتخلى فاطمة عن عفتها في سبيل موقفها السياسي أنما واصلت مشوارها من خلال موقفها العفيف الشريف لترسل برسالة للأجيال أن المد الفاطمي يجب أن لا ينقطع وان تواصل المرأة من خلال موقعها الموقف السياسي والاجتماعي، والنطق بالحق و الجهر به .. وهذا ما تمثل في موقف السيدة زينب في كربلاء حينما قادت الهاشميات ونطقت بكلمة الحق في قصر أبن زياد في الكوفة .. فأينكن يا فتيات الإسلام من فاطمة وموقفها السياسي والاجتماعي .. فلم تتنازل فاطمة عن عفتها وهي في موقع الجهاد بينما نرى العجب من تنازل عن العفة في هذا الزمان.. فاطمة وزينب في أقسى مواقع الحياة ضرب لنا بهن المثل في الحفاظ على الدين، بينما نحن نبيع الدين بثمن بخس من أجل شي من حطام الدنيا .