الجمعة، 26 فبراير 2010

الامام علي (2)

حينما ياتي الحديث عن الامام علي عليه السلام فنرى الحديث ينصب اما عن صفاته وصبرة وزهدة او نرى الحديث عن فترات خلافه الامام علي التي دامت أربع سنوات وسبعين يوما الا ان فئات قليله جدا تلك التي تتحدث عن فترات التي عاشها الامام بعد ان غصبت عنه الخلافه وأبعد عن حقه فيها بعد الاجتماع الذي عقد في دار السقيفه بينماا كان الامام يجهز نعش رسول الله "ص" ويستعد لدفن نبي الامة .. وللاسف يظن البعض أو الكثيرون أن الامام علي عليه الصلاة والسلام التلزم الصمت وسكت وجلس في البيت كما اوصاة رسول الله "ص" لكن الكثيرون نسو او تناسى البعض أن رسول الله أوصلى الامام علي أن لايرفع سيفا او يفتح معركة على الخلافه وهذا مافعله الامام عليه السلام .. الا ان المعارضه الحقيقيه للحاكم لاتكون فقط في حمل السيف او القيام بمعركة او ثورة انما لها أساليب عدة تكون على حسب الظروف الموضوعيه للزمن .. حيث تكون المعارضه بالكلمة أحيانا وهذا مافعله الامام علي حينما ألقى تلك الخطبة الشهيرة المعروفه بـ " الشقشقيه " وقد أوضح من خلال خطبته حقه الطبيعي في الخلافه وأوضح انه تم غصبها عنه وابعادة عنها لكن الامام علي كان يتحرك في خدمة الموقف والاسلوب الحق لانه كان يريد حكم الرساله ولا يريد حكم الذات .. فكان هم علي هو الرساله والدين وكل فكرة هو الاسلام حتى قال " خشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله وان أرى فيهم ثلمة او هدما تكون المصيبه بها علي أعظم من فوت ولايتكم هذة التي انما هي متاع أيام قلائل يزول منها ماكان كما يزول السراب او كما ينقشع السحاب " .. وحينما فرضت المصلحة ان يجلس عليا في بيته.. خرجت السيدة الزهراء مع ثله من النساء في مسيرة جابت أرجاء المدينه تطالب بحق علي حتى خطبت بهم تلك الخطبة التي كانت تبكي لها الجدار وهكذا تستمر المعارضه بكافه اشكالها لدى علي فلم يكن يجلس يوما في بيته بعيدا عن هموم المسلمين .
ان عليا عليه السلام لم يبايع الا حينما أقتضت المصلحة الاسلاميه في أن يبايع فلم يبايع أبن ابي قحافة الا بعد سته أشهر من رحيل رسول الله فقد جسد الامام علي معنى الرفض لخلافته وجسد المقاطعه لها لكن حينما أقضت المصلحة الاسلاميه التي شخصها علي ان بايع أبا بكر من أجل مصلحة الاسلام الذي كان يصبو إليه علي .. بايع بعد ذالك وقدم الشورى إلى أبا بكر حتى تروي الاحاديث ان أمرئتين جائا إلى أبا بكر ومعهم طفلا وكل منهم يقول هذا الطفل طفلفي ؟ حتى تحير ابابكر ولم يعد يعلم بما يفعل .. ثم أمر بإن ينادى على أبا الحسن عليه السلام .. فلما جاء علي طلب من خادمة قمبر بإن ياتي بـ ذو الفقار ( وهو سيف علي ) فقال لهم : سوف أقطع الطفل إلى جزئين لكي تاخد كل منكم جزا .. فاقلت أحدهم للامام : لا انه طفلها .. فقال الامام : لا بل هو طفلك لانك اظهرت الحنيه عليه .. حتى أعترفت الاخرى بهذا الامر .. هذا هو علي فلم يقل أني لادخل لي بذالك واني لم اعد خليفه فسوف أبتعد عن كل شي واتفرغ إلى محرابي والصلاة والعبادة .. لا فلم تكن المساله تنطلق لدى علي من هذا الجانب انما انطلقت من مصلحة الاسلاميه فكان يقدم الشورى حينما تتطلب المصلحة الاسلاميه بإن يفصح عن رايه .. فكان علي هو أحد المستشارين الذين يعول عليهم عمر أبن الخطاب .. حتى قال قائلهم : لولا علي لهلك عمر .
لم يكن هم علي الخلافه كما كان همة مصلحة المسلمين .. فلم يرفع علي السيف حفاظ على وحدة المسلمين وعدم شق صف المسلمين .. حينما حاول الثوار قتل الخليفه الثالث عثمان أبن عفان أرسل الامام علي أبنائه الحسن والحسين عليهم السلام من أجل حمايه عثمان لكي لايقتل وتنشق الامة وتبدء الفتنه بين المسلمين .. حتى حينما سمع الامام والجيش كان يسير إلى صفين ان أمير الروم يريد ان يغزو بلاد المسلمين قال : سوف اضع يدي مع معاويه ونحارب الروم حفاظا على المسلمين .. فلم تكن المشكله مع شخوص انما كانت كيف تبقى صفوف المسلمين متماسكة من الشق او الفتنه كما حدثت بعد مقتل الخليفه الثالث.
ان الخلافه التي حرم منها علي لم تكن شئا الا ان يقيم حقا ويدحر باطلا .. فقد كان عليا لايفكر في الخلافه الا حينما تكون من اجل اقامة الحق .. فـ عزل علي عن الخلافه كان اول الانحرافات في المسيرة الاسلاميه وهذا ماعبرة عن السيد الشهيد محمد باقر الصدر حينما اوصف ان عزل الامام علي عن الخلافه هو أول مراحل الانحراف في الامة .. صحيح ان بـ ابتعاد علي سوف تحدث الكوارث وسوف يقتل الحسن والحسين وسوف تأتي الويلات على المسملين لكن كانت المصلحة لدى علي في حفظ الامة من الانقسام وليس في ذاته او الخلافه .. فلو حمل علي سيفه بعد أن أبعد عن الخلافه لما بقى من الدين باقيه .. فهذا هو علي المعارض من اجل الدين حتى وهو في أصعب مراحل حياته وهو بعيد عن خلافته .
وهذا هو علي الذي أحب الدين وعاش من اجل الدين ومات وهو في محرابة حفاظا على الدين وبقى علي صوتا للاحرار على مدى الازمان فـ أين أولائك الذين غصبو الخلافه من علي .. وأين معاويه من التاريخ وفي هذا الزمان .. وأرى من المناسب ذكر أبيات الشاعر السوري الشهير محمد مجذوب يقارن فيها بين معاويه وعلي بن أبي طالب

أين القصور أبايزيد ولهوها والصافنات وزهورها والسؤدد
أين الدهاء نحرت عزته على اعتبا دنيا لهوها لاينفذ
هذا ضريحك لو نظرت لبؤسه لاسال مدمعك المصير الأسود
كتل من التراب المهين بخربة سكر الذباب بها فراح يعربد
قم وارمق النجف الاغر بنظرة يترد طرفك وهو باك أرمد
تلك العظام أعز ربك شأنها فتكاد لولا خوف ربك تعبد

هناك تعليق واحد: